بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
إعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
زلابية خاصة ( مقامة) نور الدين العدوالي
صفحة 1 من اصل 1
زلابية خاصة ( مقامة) نور الدين العدوالي
عودة إلى " المقامات"
نزولا عند رغبة الأوفياء من قُرّائي الأعزّاء الذين قالوا : أنت الأديب الأوحد في السّاحة الذي يكتب في هكذا فنّ أدبيّ ، و معك نطمئنّ عليه من الانقراض.
# زلابية speciale
فَعَلَها الوافِدون الصّغار، الذين أضحوا بقدرة قادر صُنّاعَ قرار، بمُبارَكَة من المُقرَّبين الكبار، فأصبحتُ فجأةً خارجَ الإطار ، عَلَيَّ بُغاثُ القومِ يتغامزون، و حَوْلَ إبْعادي النّسور يتهامزون ،كنتُ لسنواتٍ خَلَتْ ،و في كلّ المناسبات التي مضَتْ أكتب لهم الطّلبات و الرّسائل، و أجَنّبهم شَرّ الإحراج و "البهادل"، بل كيف يفرّقون بين البصل و الفلافل، و الصّراصير و البلابل ، كنتُ أنَبّههم إلى تصحيح الأرقام في صكوك البريد، و وجوب التّمييز بين " السَّعْدي" و " السّعيد" ،و إذا اجتمعوا لِحَفل بهيج ،و دعوا ضيوفا كالحجيج، استغاثوا : أنْجِدْنا، و إلّا احترق الطّبيخ، فنحن لا نفرّق بين الكمّثْرى و البطّيخ ...طبْعا لَسْتُ عن الجميعِ أُفْصِحُ ،فكلُّ إناءٍ بما فيه ينْضَحُ.
عموما سيقول قائل : أنت أغباهم و كَفَى، و الصّلاة و السّلام على النّبيّ المصطفى ، لَقد أكلتَ معهم الأطباق، و لحسْتَ معهم الأمراق، فلا تصدّع رؤوسنا بالهَرْطَقة و النّفاق...
خرجْتُ من مقرّ العمل، خِشيةَ الوقوع في أيّ زَلَل، فالقوم ناكرون المعروف، حتى و لو شويْتَ لهم كتف الخروف .
مشيتُ أدعو الله أن يثبّتَني بالصّبرِ، و قد نادى المنادي لصلاة العصْرِ، و كعادة قومنا في رمضان، و داخِلَ بيوتِ الرحمن، هناك من تَوَسَّدَ البطاطا و الباذنجان، و آخر وضع أمامه ثمرات موز مُشيرًا إليها بالبَنان، و طفل يخترق الصّفوف كالأفعوان ، و لولا أنَّنا في عصْر يوم رمضان، لخِلْتُ الضّجيجَ القادمَ من المائضة صراخَ نِسْوان ...
انتشرنا في الأرض بعد انقضاء الصّلاة، حيث لا رَوِيّة و لا أنَاة، الكلّ يتحدث عن مصير الحراك، لا تهمّهم مواقيت الإفطار ولا الإمساك، و مِن شِدّة انشغالي بمهزلة " الماك" ،و خوفي على مصير مترشّحي " الباك" ،كدتُ أنسى لفائف " البوراك" ، فقدْ أوصَتْني بها " صاحبة الجلالة" ، و إلّا فسنفطرُ على " شَقْلالة" ، و لِكَوني في الشّهر الفضيل ككلّ الرّجال أعاني من الوَحْمِ ، فقد اشتريْتُ أنواعا مختلفة من اللّحْم، مُنَبِّهًا الجزّارَ إلى الإنقاص من الشّحْم، ثُمّ قادتْني قَدَماي إلى محلّ من محلّات" الزّلابية"، طابور من المُفْتين مِمَّن لا يفرّقون بين العربيّة و " العُرابية" ،من مَداخِلة و قُبوريّين و وهّابية ، الكلّ يصرخ في البائع، متغافِلا عَمّا تحته من بضائع، يتطلّع للظَّفَرِ برِطْلٍ و لو ب" العَيْب" ناسِيًا عصابة " ضَرْب الجَيْب"
تعالى صُراخ شيخٍ كبير، و قد اندسّ وسط الجمع الغفير : سرقوني يا ناس ! في شهر الصّيام، و لا تستحون يا "أولاد الحرام "! ، ضحك البعض، و تذمّر الآخَر، و جاء صوت ساخر، مِمّن ينتظر في الآخِر : اعتبرْها صدقة يا حاج، و ادْعُ اللهَ أن يُقوِّم الإعوجاج...
قرْفَصَ الشيخُ يلتهم الحلوى ،من شرّ ما نزل عليه من بلوى، فصاح بعضهم : هَددْتَ علينا الجبال هَدّا، و قد أفطرْتَ يا رجلُ عَمْدا، و علّق شابّ مْلْتَحٍ : فُكَّها بأسنانِك، بعد عن ربَطْتَها بيديْك، و قال آخر : بلْ لا جُناحَ عليك ، فأنْشأ العجوز يقول:
رَأَيْتُم عَجوزًا في عُجابٍ و لَمْ تَرَوا
لُصُوصًا جَنوا جَهْرًا ،خَسِئْتُمْ كِلابا
فَلَوْ كُنْتُ فيكُمْ حاكِمًا أو مُسَيِّرا
مَلَأْتُ بِكُــمْ أرْضَ البِــلادِ عَــذابَا
تَطيرُ إلى الأبْراجِ فَتْوَى بُغاثِكُمْ
و تَهْـوي على فَضْلِ الطّعامِ ذُبـابَا
حاول بعضُ أترابه مساعدته على الوقوف، فاستشاط غضبا بين الصّفوف ، و أطلق قذيفةً : يا شعب.. يا " حلّوف" ، ڨدّاش راك ملهوف! تلعبها تصلّي في أوّل الصّفوف، تشوف المستور و المكشوف، و تعمى باش تشوف اللي سرقلي المصروف....!
لا أدري بعد ذلِك، ما جرّ عن نفسه من مَهالِك ، و راحت الأذرع تتشابك، و الأصوات تتشارك : هاتِ كيلو غراما ..هات اثنيْن.. هات رطْليْن منفصليْن.. زِنْ لِي مِن " أصبع العروس" ..هاتِ أوّلا ما عليك من فُلُوس ..و لأنني قصير القامة، لَمْ أحْظَ بما أشتهي من علامة، فما إن حان دَوْري، حتّى بادرني البائع على الفَوْرِ : انتهى يا شاعرنا "السّوسيال"، و لم يبقَ غير" السبيسيال"، خُذْ لك رطلَيْن، و ارْتَجِلْ فينا بَيْتَيْن، ضحك الرّجال، و أصرّوا على الارتجال، قُلْتُ :ياجماعة صَلّوا على الرّسول ، هل هذا أمر معقول؟، فقالوا : لا عذر لك مقبول، و رغم الذّهول، و شدّة الذّبول ، إلّا أنّني طفقت أقول :
و إذا الرّجالُ عَلَى لَذيذٍ أقْدَموا
هامَتْ بِهِمْ مِنْ صَنْعةٍ نِسْوانُ
حَتّى و لَوْ فاقَتْ جمالًا غِيدُنا
فَرِجــالُنا لِشَــــهامَةٍ عُنْــــوانُ
نَحْنُ الأُلَى نَحْمي النِّسَا مِنْ نَسْمةٍ
وَ إذا تَعِـــبْنا زَانَــــنَا إتْــــقانُ
أَكْرِمْ بِفَحْلٍ طُولَ يَوْمٍ صابرًا
لا ينْثَــني مَهْـما شَـوَتْ نِيــرانُ!
فصاح الحاضرون : حفظك الله يا فارس الفرسان، لكن يا ويلك من النّسوان ! و ردّد صاحب المحلّ في زهْو و عنفوان : إكرامًا لهذا الشِّعر الرّنّان، خُذْ لك رطلَيْن special بالمَجّان!
ساوَرَني أمام الجمْعِ الخَجَل، و أردفَ مادِحًا صاحبُ المَحَل : تستحق يا أديبنا أن نهديك العَسَل ، لكن يا أديبنا الجليل، أنّى لك بهذا اللّسان الحُلْو الجميل؟! يبدو أنّ لك خبرةَ شَهريْن، بل ربّما أكثر من سَنَتيْن ! فجاء ردّ أحدهم و هو من أترابي : يا حسرتا.. هذا من أقدم المبدعين و الكُتّاب ، ليسَ ابنَ السّحابة الأخيرة، و لا من أتباع " الشّابّة خِيرة" ، مَنْ يُرِدْ أن يصبح مثله، عليه أن ينهض باكرا، و أن يكون في اللّغة و البلاغة ماكرا، على ألّا يكون لأصحاب الفضل ناكرا ، فقلتُ مازِحًا :
إذا شِئْتَ أنْ يَحْتَويكَ الهَبَلْ
و تَحْظَى بِدِفْءٍ و أحْلَى القُبَلْ
تَمَلَّقْ ،تَزَلَّفْ ،و كُنْ خادِعا
وَ كَسِّـــرْ عَــروضًا و دَارِ الزَّلَلْ
تَمَسْكَنْ ،و نافِقْ ،و فَرِّقْ تَسُدْ
و جُــــرَّ بِرَفْــعٍ ،و سَكِّــنْ بَدَلْ
تَظاهَرْ بأنَّكْ تُتْقِنُهُمْ
طَويـلًا، بسيـطًا، و حَتّى الرَّمَلْ
سَتَحْيَا كَبيرًا وَ لَوْ مِنْ عَدَمْ
و تَحْظى بِنَصْــبٍ شَبِيــــهِ هُبَلْ
كان قد بقي نصفُ ساعةٍ من وقتي ،فقفلتُ عائدًا إلى بيتِي، شاكِرا الجميع مِن " الحَنافي" إلى " السّبتي" ،قال صاحب المحلّ : هلّا دعوتنا إلى الإفطار في بيْتِك ، لنستمتع بمِلْحِك و زيْتِك ، قلتُ : بيتي لا تنطفئ فيه النّار ،و لا تنام فيه الأشعار، لا بابَ فيه مغلوق، و الوافدُ إليه حُرّ معْتوق ، قال شاكرا: كثّر الله مِن أمثالك، و بارك في أهلِك و مالِك ،اُتْرُكْها للأيّام و اللّيالي ،لكنْ لا تَحْرِمْنا مِن المَواويل و الأزْجالِ ، فَقَدْ مَلَلْنا الجَعْجَعَة ، و كرهْنا البعْبعَة ، و سَئمْنا المَعْمَعَة ...
انطلقْتُ مُنْتشِيًا بحديث هؤلاء البسطاء الرّائعين، داعيًا لهم و لسائر المسلمين بأن يجعلنا ربّ العالمين من العُتقاء و المقبولين.
نلتقي بعد التّراويح...
شاعر البيضاء و أديبها نورالدّين العدوالي/ عين البيضاء/ الجزائر
رمضان 1440 هج
هامش:
* الزّلابية : حلوى تقليدية، تُسَمّى أصلا " الزّريابية" ،قدمت من بلاد الأندلس إلى المغرب العربي، مبتكرها " زرياب" الفنّان المعروف. *spéciale: نوع خاص يُصْنَعُ بعجين الشّعيرمع البيض و الفول السوداني و الزّبيب
* الماك : حركة انفصالية قبائلية تطالب بحكم ذاتي خارج الجمهورية الجزائرية، زعيمها المغنّي السّابق : فرحات مهنّي
* الباك: شهادة البكالوريا
*شَقْلالة : في الاستعمال الجزائري الدّارج تعني :كلام فيه أخذ و رد ينتج عنه صداع الرؤوس.
*الشّابّة خِيرة : إشارة إلى الغناء السّاقط ذي المستوى المنحطّ
نزولا عند رغبة الأوفياء من قُرّائي الأعزّاء الذين قالوا : أنت الأديب الأوحد في السّاحة الذي يكتب في هكذا فنّ أدبيّ ، و معك نطمئنّ عليه من الانقراض.
# زلابية speciale
فَعَلَها الوافِدون الصّغار، الذين أضحوا بقدرة قادر صُنّاعَ قرار، بمُبارَكَة من المُقرَّبين الكبار، فأصبحتُ فجأةً خارجَ الإطار ، عَلَيَّ بُغاثُ القومِ يتغامزون، و حَوْلَ إبْعادي النّسور يتهامزون ،كنتُ لسنواتٍ خَلَتْ ،و في كلّ المناسبات التي مضَتْ أكتب لهم الطّلبات و الرّسائل، و أجَنّبهم شَرّ الإحراج و "البهادل"، بل كيف يفرّقون بين البصل و الفلافل، و الصّراصير و البلابل ، كنتُ أنَبّههم إلى تصحيح الأرقام في صكوك البريد، و وجوب التّمييز بين " السَّعْدي" و " السّعيد" ،و إذا اجتمعوا لِحَفل بهيج ،و دعوا ضيوفا كالحجيج، استغاثوا : أنْجِدْنا، و إلّا احترق الطّبيخ، فنحن لا نفرّق بين الكمّثْرى و البطّيخ ...طبْعا لَسْتُ عن الجميعِ أُفْصِحُ ،فكلُّ إناءٍ بما فيه ينْضَحُ.
عموما سيقول قائل : أنت أغباهم و كَفَى، و الصّلاة و السّلام على النّبيّ المصطفى ، لَقد أكلتَ معهم الأطباق، و لحسْتَ معهم الأمراق، فلا تصدّع رؤوسنا بالهَرْطَقة و النّفاق...
خرجْتُ من مقرّ العمل، خِشيةَ الوقوع في أيّ زَلَل، فالقوم ناكرون المعروف، حتى و لو شويْتَ لهم كتف الخروف .
مشيتُ أدعو الله أن يثبّتَني بالصّبرِ، و قد نادى المنادي لصلاة العصْرِ، و كعادة قومنا في رمضان، و داخِلَ بيوتِ الرحمن، هناك من تَوَسَّدَ البطاطا و الباذنجان، و آخر وضع أمامه ثمرات موز مُشيرًا إليها بالبَنان، و طفل يخترق الصّفوف كالأفعوان ، و لولا أنَّنا في عصْر يوم رمضان، لخِلْتُ الضّجيجَ القادمَ من المائضة صراخَ نِسْوان ...
انتشرنا في الأرض بعد انقضاء الصّلاة، حيث لا رَوِيّة و لا أنَاة، الكلّ يتحدث عن مصير الحراك، لا تهمّهم مواقيت الإفطار ولا الإمساك، و مِن شِدّة انشغالي بمهزلة " الماك" ،و خوفي على مصير مترشّحي " الباك" ،كدتُ أنسى لفائف " البوراك" ، فقدْ أوصَتْني بها " صاحبة الجلالة" ، و إلّا فسنفطرُ على " شَقْلالة" ، و لِكَوني في الشّهر الفضيل ككلّ الرّجال أعاني من الوَحْمِ ، فقد اشتريْتُ أنواعا مختلفة من اللّحْم، مُنَبِّهًا الجزّارَ إلى الإنقاص من الشّحْم، ثُمّ قادتْني قَدَماي إلى محلّ من محلّات" الزّلابية"، طابور من المُفْتين مِمَّن لا يفرّقون بين العربيّة و " العُرابية" ،من مَداخِلة و قُبوريّين و وهّابية ، الكلّ يصرخ في البائع، متغافِلا عَمّا تحته من بضائع، يتطلّع للظَّفَرِ برِطْلٍ و لو ب" العَيْب" ناسِيًا عصابة " ضَرْب الجَيْب"
تعالى صُراخ شيخٍ كبير، و قد اندسّ وسط الجمع الغفير : سرقوني يا ناس ! في شهر الصّيام، و لا تستحون يا "أولاد الحرام "! ، ضحك البعض، و تذمّر الآخَر، و جاء صوت ساخر، مِمّن ينتظر في الآخِر : اعتبرْها صدقة يا حاج، و ادْعُ اللهَ أن يُقوِّم الإعوجاج...
قرْفَصَ الشيخُ يلتهم الحلوى ،من شرّ ما نزل عليه من بلوى، فصاح بعضهم : هَددْتَ علينا الجبال هَدّا، و قد أفطرْتَ يا رجلُ عَمْدا، و علّق شابّ مْلْتَحٍ : فُكَّها بأسنانِك، بعد عن ربَطْتَها بيديْك، و قال آخر : بلْ لا جُناحَ عليك ، فأنْشأ العجوز يقول:
رَأَيْتُم عَجوزًا في عُجابٍ و لَمْ تَرَوا
لُصُوصًا جَنوا جَهْرًا ،خَسِئْتُمْ كِلابا
فَلَوْ كُنْتُ فيكُمْ حاكِمًا أو مُسَيِّرا
مَلَأْتُ بِكُــمْ أرْضَ البِــلادِ عَــذابَا
تَطيرُ إلى الأبْراجِ فَتْوَى بُغاثِكُمْ
و تَهْـوي على فَضْلِ الطّعامِ ذُبـابَا
حاول بعضُ أترابه مساعدته على الوقوف، فاستشاط غضبا بين الصّفوف ، و أطلق قذيفةً : يا شعب.. يا " حلّوف" ، ڨدّاش راك ملهوف! تلعبها تصلّي في أوّل الصّفوف، تشوف المستور و المكشوف، و تعمى باش تشوف اللي سرقلي المصروف....!
لا أدري بعد ذلِك، ما جرّ عن نفسه من مَهالِك ، و راحت الأذرع تتشابك، و الأصوات تتشارك : هاتِ كيلو غراما ..هات اثنيْن.. هات رطْليْن منفصليْن.. زِنْ لِي مِن " أصبع العروس" ..هاتِ أوّلا ما عليك من فُلُوس ..و لأنني قصير القامة، لَمْ أحْظَ بما أشتهي من علامة، فما إن حان دَوْري، حتّى بادرني البائع على الفَوْرِ : انتهى يا شاعرنا "السّوسيال"، و لم يبقَ غير" السبيسيال"، خُذْ لك رطلَيْن، و ارْتَجِلْ فينا بَيْتَيْن، ضحك الرّجال، و أصرّوا على الارتجال، قُلْتُ :ياجماعة صَلّوا على الرّسول ، هل هذا أمر معقول؟، فقالوا : لا عذر لك مقبول، و رغم الذّهول، و شدّة الذّبول ، إلّا أنّني طفقت أقول :
و إذا الرّجالُ عَلَى لَذيذٍ أقْدَموا
هامَتْ بِهِمْ مِنْ صَنْعةٍ نِسْوانُ
حَتّى و لَوْ فاقَتْ جمالًا غِيدُنا
فَرِجــالُنا لِشَــــهامَةٍ عُنْــــوانُ
نَحْنُ الأُلَى نَحْمي النِّسَا مِنْ نَسْمةٍ
وَ إذا تَعِـــبْنا زَانَــــنَا إتْــــقانُ
أَكْرِمْ بِفَحْلٍ طُولَ يَوْمٍ صابرًا
لا ينْثَــني مَهْـما شَـوَتْ نِيــرانُ!
فصاح الحاضرون : حفظك الله يا فارس الفرسان، لكن يا ويلك من النّسوان ! و ردّد صاحب المحلّ في زهْو و عنفوان : إكرامًا لهذا الشِّعر الرّنّان، خُذْ لك رطلَيْن special بالمَجّان!
ساوَرَني أمام الجمْعِ الخَجَل، و أردفَ مادِحًا صاحبُ المَحَل : تستحق يا أديبنا أن نهديك العَسَل ، لكن يا أديبنا الجليل، أنّى لك بهذا اللّسان الحُلْو الجميل؟! يبدو أنّ لك خبرةَ شَهريْن، بل ربّما أكثر من سَنَتيْن ! فجاء ردّ أحدهم و هو من أترابي : يا حسرتا.. هذا من أقدم المبدعين و الكُتّاب ، ليسَ ابنَ السّحابة الأخيرة، و لا من أتباع " الشّابّة خِيرة" ، مَنْ يُرِدْ أن يصبح مثله، عليه أن ينهض باكرا، و أن يكون في اللّغة و البلاغة ماكرا، على ألّا يكون لأصحاب الفضل ناكرا ، فقلتُ مازِحًا :
إذا شِئْتَ أنْ يَحْتَويكَ الهَبَلْ
و تَحْظَى بِدِفْءٍ و أحْلَى القُبَلْ
تَمَلَّقْ ،تَزَلَّفْ ،و كُنْ خادِعا
وَ كَسِّـــرْ عَــروضًا و دَارِ الزَّلَلْ
تَمَسْكَنْ ،و نافِقْ ،و فَرِّقْ تَسُدْ
و جُــــرَّ بِرَفْــعٍ ،و سَكِّــنْ بَدَلْ
تَظاهَرْ بأنَّكْ تُتْقِنُهُمْ
طَويـلًا، بسيـطًا، و حَتّى الرَّمَلْ
سَتَحْيَا كَبيرًا وَ لَوْ مِنْ عَدَمْ
و تَحْظى بِنَصْــبٍ شَبِيــــهِ هُبَلْ
كان قد بقي نصفُ ساعةٍ من وقتي ،فقفلتُ عائدًا إلى بيتِي، شاكِرا الجميع مِن " الحَنافي" إلى " السّبتي" ،قال صاحب المحلّ : هلّا دعوتنا إلى الإفطار في بيْتِك ، لنستمتع بمِلْحِك و زيْتِك ، قلتُ : بيتي لا تنطفئ فيه النّار ،و لا تنام فيه الأشعار، لا بابَ فيه مغلوق، و الوافدُ إليه حُرّ معْتوق ، قال شاكرا: كثّر الله مِن أمثالك، و بارك في أهلِك و مالِك ،اُتْرُكْها للأيّام و اللّيالي ،لكنْ لا تَحْرِمْنا مِن المَواويل و الأزْجالِ ، فَقَدْ مَلَلْنا الجَعْجَعَة ، و كرهْنا البعْبعَة ، و سَئمْنا المَعْمَعَة ...
انطلقْتُ مُنْتشِيًا بحديث هؤلاء البسطاء الرّائعين، داعيًا لهم و لسائر المسلمين بأن يجعلنا ربّ العالمين من العُتقاء و المقبولين.
نلتقي بعد التّراويح...
شاعر البيضاء و أديبها نورالدّين العدوالي/ عين البيضاء/ الجزائر
رمضان 1440 هج
هامش:
* الزّلابية : حلوى تقليدية، تُسَمّى أصلا " الزّريابية" ،قدمت من بلاد الأندلس إلى المغرب العربي، مبتكرها " زرياب" الفنّان المعروف. *spéciale: نوع خاص يُصْنَعُ بعجين الشّعيرمع البيض و الفول السوداني و الزّبيب
* الماك : حركة انفصالية قبائلية تطالب بحكم ذاتي خارج الجمهورية الجزائرية، زعيمها المغنّي السّابق : فرحات مهنّي
* الباك: شهادة البكالوريا
*شَقْلالة : في الاستعمال الجزائري الدّارج تعني :كلام فيه أخذ و رد ينتج عنه صداع الرؤوس.
*الشّابّة خِيرة : إشارة إلى الغناء السّاقط ذي المستوى المنحطّ
مواضيع مماثلة
» مقامة سمر على قمر ( نور الدين العدوالي)
» لا تلمني ( العدوالي نور الدين)
» أشعار com (نور الدين العدوالي)
» تباشير الصباح ( نور الدين العدوالي)
» حلوى أم بلوى ( نور الدين العدوالي)
» لا تلمني ( العدوالي نور الدين)
» أشعار com (نور الدين العدوالي)
» تباشير الصباح ( نور الدين العدوالي)
» حلوى أم بلوى ( نور الدين العدوالي)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 12, 2023 8:36 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» موضوع المبادرة ( جدارية الألم والأمل)
الأحد فبراير 12, 2023 8:34 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» سجل أيها الأدب (رسالة إلى وزير العدل)
الثلاثاء سبتمبر 27, 2022 1:34 pm من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة سعاد كاشا (المشاركة 26)
الأحد سبتمبر 18, 2022 7:46 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة أميرة دبل (المشاركة 25)
الخميس سبتمبر 15, 2022 10:00 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة خديجة حسين تلي (المشاركة 24)
السبت أغسطس 27, 2022 10:28 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر عامر غلاب ( المشاركة 23)
السبت أغسطس 27, 2022 10:26 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر سالم قوادرية العامري ( المشاركة 22)
الجمعة أغسطس 26, 2022 3:54 pm من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر محمد مهيلة (المشاركة 21)
الجمعة أغسطس 26, 2022 12:16 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة