بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
إعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
انتصار (نورالدين العدوالي)
صفحة 1 من اصل 1
انتصار (نورالدين العدوالي)
انتصار
عشية الدخول المدرسي ، و نزولا عند رغبة أحبّتي و قُرّائي الأوفياء أُعيد نشر هذه القصة القصيرة من مجموعتي القصصية" تذاكر للحب و أخرى للخبز و النّار".
الإهداء: إلى فلذات أكبادنا التلاميذ، إلى أساتذتنا الأجلّاء دون استثناء، إلى مؤطّرينا الشرفاء الأعزاء، إلى أوليائنا الكرماء.
عُصفوران صغيران و لا أروع! يُحلّقان بأحلامهما البريئة داخل غرفة بسيطة جدا ، يُرسلان ترنيماتهما العذبة ذات الألحان الشّجيّة ، فيزيحان قليلا من العبوس من على مُحَيّا أمّهما الحنون ، يدخل الأب عائدا مساءً من العمل. " سمير" موظَّف فقير ، يختلج قلبًا يفيض حُبًّا و طيبةً و وقارًا ، تستقبله " انتصار" فلذة كبده التي خلعت من عمرها خمس سنوات..ترتمي بين أحضانه ، فيضمّها بكل الحبّ و الحنان، و يُقبّلها على خدّها الورديّ الجميل ، بينما تتنازل الكتكوتة " سندس بيلسان" عن دُميتها الجميلة ، و تحبو جاهدةً إلى أبيها ، فيخفض الأب جناح رحمته لعينيه البريئتين ، ثمّ يضع القُفّة التي أثقلت كاهله و هي خاوية إلا من بضع حبّات بطاطا و حزمة بصل!
لم يشرب القهوة التي أعدّتها زوجته الهادئة ، توضّأ و صلّى الظهر و العصر تتابعا ، أرهقه عمل النهار الذي مرّ لطوله كما لو أنه دهر غشوم... شغّل جهاز التلفزيون.. مجلس الوزراء في مسرحية أخرى لا تنتهي فصولها: " تبًّا لكم جميعا ، غُثاء كغثاء السّيل... " قال ذلك و اتّكأ ليستريح قليلا ، سارعت " انتصار" إلى وسادة بجانبها ر وسّدت بها رأس والدها الذي تسلّلت إليه شُعَيرات من الشّيب هي ثمرة لتخمينات و تأوّهات و أحلام لطالما وسوست هذا الرأس الوقور!
قَبّلت " انتصار" أباها ، و تركته لينال قسطا من الرّاحة ، غفا عميقا ، ثم سبح من هنالك في بحر من الأحلام و المشاريع الوهمية... في المطبخ انهمكت ربّة البيت في تحضير العَشاء ، الصّغيرة " سندس بيلسان" نائمة إلى جانب أبيها و على وجهها ابتسامة رقيقة زادته جمالا ملائكيّا يأخذ الألباب.. خَلا الجوّ ل" انتصار" ليقودها فضولها إلى نافذة الغرفة الثانية ، سمعت صراخ أترابها في الخارج ، كادت تفتح النافذة و لمّا تصلْ ، و لأنها فتاة ذكية استعانت بكرسيّ صغير أوصلها إلى مبتغاها ، هذه النافذة نذير شؤم بالنسبة للأمّ التي غالبًا ما ألحَّت على زوجها أن يُشيّد لها سياجًا واقيًا ، و قد وعدها بذلك أوّلَ ما يظفر براتبه الشهريّ ، هنا حدث ما لم يكن في الحسبان ، مَدّدت " انتصار" عنقها الصغير لترى أصدقاءها في في الأسفل
و إذا بها تسقط من الأعلى سقوطا مروّعا ، سمعت الأم صوت ارتطام زلزل قلبها ، استطلعت الأمر ، و ما إن وقعت عيناها على النافذة حتى زعقت زعقة واحدة ، و خرّت مغشيا عليها ، و انتفض الأب من مضجعه مستيقظا من حلم مشؤوم ، أخبره الطّارق بشدةٍ على الباب بالصّاعقة ، و أدرك " سمير" ريحانته " انتصار"
التي لملمها " عمي السبتي" ذاك الجار الذي كثيرا ما يتّهمه سكّان الحيّ بالعربدة و سوء الأخلاق ، نقلها إلى المستشفى في أول سيارة مرّت به...
في قسم الاستعجالات حاول " عمي السبتي" أن يُطمئن " سمير" لكنه عبثًا حاول ، و لم يهدأ الأب إلا بعد أن تأكّد أنّ قُرّة عينه هي الآن في غرفة العمليات ، سلّمتها الأقدار في لحظات عسيرة لأيدي الأطبّاء ، لتُقامر من أجلها الحياة و الموت ، وصلت الأم المسكينة مرفوقةً ببعض الجارات ، اِلتَفّ حولها الجميع ليُهدّئوا من روعها ، و طال في الرّواق الانتظار!!!
تغلغل اليأس في أعماق " سمير" ..لَكم مَنّى النفسَ بأن تلتحق صغيرته " انتصار" بمقاعد الدراسة لأول مرة في حياتها ، لقد اشترى لها محفظة و لوحة رقمية و حتى قائمة الحروف الأبجدية المصوّرة ، كان يحلم بأن تتعلّم و تكبر و تتخرّج يوما ما طبيبة جرّاحةً ، و ها هي الآن جريحة بين الأطبّاء ، و قد أثكلت الكُلوم الكثيرة ، و الكُسور الخطيرة جسدها النّاعم الطّريّ ، ما بقي إلا التضرع للخالق القدير أن يكون لطيفا في قضائه ... خرج ممرّض من الدّاخل ، أسرع إليه الجميع و قد بدت عليه ملامح التّأثّر البالغة ، لم يتجرّأ على إخبار الأبوين بما حلّ ب" انتصار" و اكتفى بتهدئتهما ، فازدادت هواجس " سمير" ، و اشتدّ رَوع الأم المصدومة...و لأنّ مشيئة الله أقوى من صلابة الحجر ، و من تعاويذ كل البشر ، فقد تمكّن بفضل الله الأطبّاءُ من إنقاذ البرعمة " انتصار" و أَوصوا الكلّ بها خيرا ، خصوصا و أنها ستتماثل للشفاء يوما بعد يوم.... و يمكن ل" سمير" أن يُرافق ريحانته " انتصار" مع حلول الموسم الدراسي الجديد إلى مدرستها الجديدة....
نورالدين العدوالي / عين البيضاء / الجزائر
عشية الدخول المدرسي ، و نزولا عند رغبة أحبّتي و قُرّائي الأوفياء أُعيد نشر هذه القصة القصيرة من مجموعتي القصصية" تذاكر للحب و أخرى للخبز و النّار".
الإهداء: إلى فلذات أكبادنا التلاميذ، إلى أساتذتنا الأجلّاء دون استثناء، إلى مؤطّرينا الشرفاء الأعزاء، إلى أوليائنا الكرماء.
عُصفوران صغيران و لا أروع! يُحلّقان بأحلامهما البريئة داخل غرفة بسيطة جدا ، يُرسلان ترنيماتهما العذبة ذات الألحان الشّجيّة ، فيزيحان قليلا من العبوس من على مُحَيّا أمّهما الحنون ، يدخل الأب عائدا مساءً من العمل. " سمير" موظَّف فقير ، يختلج قلبًا يفيض حُبًّا و طيبةً و وقارًا ، تستقبله " انتصار" فلذة كبده التي خلعت من عمرها خمس سنوات..ترتمي بين أحضانه ، فيضمّها بكل الحبّ و الحنان، و يُقبّلها على خدّها الورديّ الجميل ، بينما تتنازل الكتكوتة " سندس بيلسان" عن دُميتها الجميلة ، و تحبو جاهدةً إلى أبيها ، فيخفض الأب جناح رحمته لعينيه البريئتين ، ثمّ يضع القُفّة التي أثقلت كاهله و هي خاوية إلا من بضع حبّات بطاطا و حزمة بصل!
لم يشرب القهوة التي أعدّتها زوجته الهادئة ، توضّأ و صلّى الظهر و العصر تتابعا ، أرهقه عمل النهار الذي مرّ لطوله كما لو أنه دهر غشوم... شغّل جهاز التلفزيون.. مجلس الوزراء في مسرحية أخرى لا تنتهي فصولها: " تبًّا لكم جميعا ، غُثاء كغثاء السّيل... " قال ذلك و اتّكأ ليستريح قليلا ، سارعت " انتصار" إلى وسادة بجانبها ر وسّدت بها رأس والدها الذي تسلّلت إليه شُعَيرات من الشّيب هي ثمرة لتخمينات و تأوّهات و أحلام لطالما وسوست هذا الرأس الوقور!
قَبّلت " انتصار" أباها ، و تركته لينال قسطا من الرّاحة ، غفا عميقا ، ثم سبح من هنالك في بحر من الأحلام و المشاريع الوهمية... في المطبخ انهمكت ربّة البيت في تحضير العَشاء ، الصّغيرة " سندس بيلسان" نائمة إلى جانب أبيها و على وجهها ابتسامة رقيقة زادته جمالا ملائكيّا يأخذ الألباب.. خَلا الجوّ ل" انتصار" ليقودها فضولها إلى نافذة الغرفة الثانية ، سمعت صراخ أترابها في الخارج ، كادت تفتح النافذة و لمّا تصلْ ، و لأنها فتاة ذكية استعانت بكرسيّ صغير أوصلها إلى مبتغاها ، هذه النافذة نذير شؤم بالنسبة للأمّ التي غالبًا ما ألحَّت على زوجها أن يُشيّد لها سياجًا واقيًا ، و قد وعدها بذلك أوّلَ ما يظفر براتبه الشهريّ ، هنا حدث ما لم يكن في الحسبان ، مَدّدت " انتصار" عنقها الصغير لترى أصدقاءها في في الأسفل
و إذا بها تسقط من الأعلى سقوطا مروّعا ، سمعت الأم صوت ارتطام زلزل قلبها ، استطلعت الأمر ، و ما إن وقعت عيناها على النافذة حتى زعقت زعقة واحدة ، و خرّت مغشيا عليها ، و انتفض الأب من مضجعه مستيقظا من حلم مشؤوم ، أخبره الطّارق بشدةٍ على الباب بالصّاعقة ، و أدرك " سمير" ريحانته " انتصار"
التي لملمها " عمي السبتي" ذاك الجار الذي كثيرا ما يتّهمه سكّان الحيّ بالعربدة و سوء الأخلاق ، نقلها إلى المستشفى في أول سيارة مرّت به...
في قسم الاستعجالات حاول " عمي السبتي" أن يُطمئن " سمير" لكنه عبثًا حاول ، و لم يهدأ الأب إلا بعد أن تأكّد أنّ قُرّة عينه هي الآن في غرفة العمليات ، سلّمتها الأقدار في لحظات عسيرة لأيدي الأطبّاء ، لتُقامر من أجلها الحياة و الموت ، وصلت الأم المسكينة مرفوقةً ببعض الجارات ، اِلتَفّ حولها الجميع ليُهدّئوا من روعها ، و طال في الرّواق الانتظار!!!
تغلغل اليأس في أعماق " سمير" ..لَكم مَنّى النفسَ بأن تلتحق صغيرته " انتصار" بمقاعد الدراسة لأول مرة في حياتها ، لقد اشترى لها محفظة و لوحة رقمية و حتى قائمة الحروف الأبجدية المصوّرة ، كان يحلم بأن تتعلّم و تكبر و تتخرّج يوما ما طبيبة جرّاحةً ، و ها هي الآن جريحة بين الأطبّاء ، و قد أثكلت الكُلوم الكثيرة ، و الكُسور الخطيرة جسدها النّاعم الطّريّ ، ما بقي إلا التضرع للخالق القدير أن يكون لطيفا في قضائه ... خرج ممرّض من الدّاخل ، أسرع إليه الجميع و قد بدت عليه ملامح التّأثّر البالغة ، لم يتجرّأ على إخبار الأبوين بما حلّ ب" انتصار" و اكتفى بتهدئتهما ، فازدادت هواجس " سمير" ، و اشتدّ رَوع الأم المصدومة...و لأنّ مشيئة الله أقوى من صلابة الحجر ، و من تعاويذ كل البشر ، فقد تمكّن بفضل الله الأطبّاءُ من إنقاذ البرعمة " انتصار" و أَوصوا الكلّ بها خيرا ، خصوصا و أنها ستتماثل للشفاء يوما بعد يوم.... و يمكن ل" سمير" أن يُرافق ريحانته " انتصار" مع حلول الموسم الدراسي الجديد إلى مدرستها الجديدة....
نورالدين العدوالي / عين البيضاء / الجزائر
زائر- زائر
مواضيع مماثلة
» ابن العزْباء (نورالدين العدوالي)
» مع أبي العتاهية (نورالدين العدوالي)
» أنا لن أعود إليك (نورالدين العدوالي)
» ونزداد كيل بعير (نورالدين العدوالي)
» فسحة شعرية (نورالدين العدوالي)
» مع أبي العتاهية (نورالدين العدوالي)
» أنا لن أعود إليك (نورالدين العدوالي)
» ونزداد كيل بعير (نورالدين العدوالي)
» فسحة شعرية (نورالدين العدوالي)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 12, 2023 8:36 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» موضوع المبادرة ( جدارية الألم والأمل)
الأحد فبراير 12, 2023 8:34 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» سجل أيها الأدب (رسالة إلى وزير العدل)
الثلاثاء سبتمبر 27, 2022 1:34 pm من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة سعاد كاشا (المشاركة 26)
الأحد سبتمبر 18, 2022 7:46 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة أميرة دبل (المشاركة 25)
الخميس سبتمبر 15, 2022 10:00 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعرة خديجة حسين تلي (المشاركة 24)
السبت أغسطس 27, 2022 10:28 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر عامر غلاب ( المشاركة 23)
السبت أغسطس 27, 2022 10:26 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر سالم قوادرية العامري ( المشاركة 22)
الجمعة أغسطس 26, 2022 3:54 pm من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة
» الشاعر محمد مهيلة (المشاركة 21)
الجمعة أغسطس 26, 2022 12:16 am من طرف محبو الشاعر فريد مرازقة