قصيدة (إلا...)

إلَّا...

لَنْ يَذْكُرَ الدَّهْرُ إلَّا الشَاعِرَ الفَحْلَا
لَا مَنْ صَنَادِيقُهُ تَسْتَعْبِدُ النَّحْلَا

وَ لَا غَبِيًّا يَرَى فِي نَفْسِهِ مَلِكًا
أَوْ ظَنَّ جِسْمًا لَهُ مِنْ جَهْلِهِ نَخْلَا

كُنْ وَاثِقًا وَ لْتَسِرْ لَا تَنْكَسِرْ أَبَدًا
وَ لْتَنْتَصِبْ جَبَلًا! لا، لا تَكُنْ سَهْلَا

إِنَّ القَصِيدَ إِذَا مَا لِنْتَ مُنْبَطِحٌ
قُمْ صنْوَ أَوْتَادِهِ وَ اخْنُقْهُمُ حَبْلَا

لَا تَنْتَهِجْ لَعْقَ نَعْلٍ كَيْ تَصِيرَ بِهِ
نَجْمًا فَمَا سَادَ مَنْ يسْتَطْعِمُ النَّعْلَا

مَهْمَا بَدَا حَسَنًا فِي الصَّحْوِ مَلْبَسُهُ
تَرَاهُ رَثًّا وَ حِينَ الغَيثِ قدْ يبْلَى

لَكِنْ سَيَبْقَى قَرِيضُ الحُرِّ فِي أَلَقٍ
حُرُوفُهُ كُلُّهَا مِنْ ذَوْقِهِ حُبْلَى

إِنْ بَانَ شَاعِرُهَا فِي دُورِهَا وَضَعَتْ
قَصَائِدًا لَمْ تُقَلْ أَبْيَاتُهَا قَبْلَا

كُنْ (مُصْلِحًا و انتَصِرْ منْ بَعدِ ما ظَلَمُوا)
وَ لا تَكُنْ حَامِلًا مَا أحْدَثُوا حَمْلَا

فَكُلُّ مُحدثَةٍ فِي الشِّعرِ فانِيَةٌ
و الأَصْلُ يَبْقَى وَ لَوْ مَا أُعْجِبُوا أَصْلَا

كُنْ أَنْتَ أَنْتَ وَ قُلْ مَا القَلْبُ نَاطِقُهُ
كَيْ يَسْطَعَ الشِّعْرُ بَدْرًا نُورُهُ لَيْلَا

وَ سَابِقِ الرِّيحَ حَتّى لوْ لَقيتَ أَذًى
فَالخَيْلُ تَبْقَى وَ لَوْ فِي كَبْوَةٍ خَيْلَا

بِالفَخْرِ سِرْ بِيْنَهُمْ سَيْرَ العَزِيزِ فَمَا
مِنْ قَائِلٍ قَوْلُهُ قَدْ يُوقِفُ السَّيْلَا

مَهْمَا الكَلَامُ بَدَا فِي لُبِّهِ ضَرَرٌ
وَ اللَّهِ أَحْرُفُهُ لَا لَمْ تُثِرْ هَوْلَا

لَا تَنْكَسِرْ أَبَدًا فَالكَسْرُ مِلَّتُهُمْ
حَتَّى وَ إنْ قُلْتَ هُمْ لَنْ يَفْقَهُوا قَوْلَا

عَانِقْ قَرِيضَكَ، أَذِّنْ فِيهِمُ لِعِشَا
وَ صَلِّ ثُمَّ ابْتَعِدْ عَنْ لُؤمِهِمْ حَوْلَا

يَا شَاعِرِي لَا تَكُنْ مِزْمَارَ أَخْيِلَةٍ
جُمُوعُهَا أَبْدَلَتْ مِزْمَارَهَا طبْلَا

بَلْ كُنْ كَنَجْمٍ عَلَا لا شَيءَ شَابَهَهُ
أَوْ كُنْ كَسَبْعٍ يَرَى فِي شِعْرِهِ شِبْلَا

أَلْقِ القَصِيدَ وَ أَنْفُ الرَّأْسِ مُرْتَفِعٌ
وَ اجْعَلْ أَقَاوِيلَهُمْ فِي دَمْعِهَا ثَكْلَى

إنَّ القَرِيضَ إذَا أَكْرَمْتَهُ عَلَنًا
أَعْطَاكَ مِنْ رُوحِهِ كَيْ تَغْدُوَ الفَحْلَا

فريد مرازقة القيسي
05 مارس 2020