في جنات شيطانتي للشاعر نور الدين العدوالي

في جَنّاتِ " شَيْطانتِي"

أَكُلَّما جِئْتُني أَزْهو بِدَنْدَنَةٍ
وَجَدْتُني جارِحًا ڨيتَارَتِي حَزَنَــا ؟!
ذَبَحْتَنِي يا جَوىً مُذْ قُلْتُ بَسْمَلَةً
كَسَرْتَ أشْرِعَتِي أَغْرَقْتَ لي سُفُنَــا !
يَا لَائِمِي لا تَلُمْ صَبًّا شَكَا أرَقًا
و الدَّمْعُ سالَ على الخَدَّيْنِ كَمْ هَتَـنَا!
لَوْ دُسْتَ جَمْراتِها أَعْذَرْتَني سَلَفًا
تِلْكَ الّتِي هَيَّجَتْ بَحْــرِي فَما سَكَنَــا !
سُقْنَا إلَى دَارِها يا صَاحِبي فَلَقَدْ
أَضْحَتْ لِقافِيَتي مُــــذْ شُفْتُها وَطَـــنَا !
دَعْنِي -و قُلْ : جُنَّ مِسْكينٌ بِلا سَبَبٍ -
أُنْشُرْ عَلى سُــورِها قَلْبي كَمَــنْ رَهَــنَا !
لَعَلَّهَا نَشَرَتْ أثْوَابَها فَسَقَتْ
بَعْضَ الهَوَى في وَرِيــدٍِ حَزَّنِي شَجَـــنَا!
أَوْ مَرَّرَتْ راحَةً مَنْقوشَةً خَجَلًا
عَلَى بُطَيْنِي فَأَحْيَـــتْ نَبْضَهُ زَمَنَــــا !
أَوْ رُبَّمَا قَرَأَتْ ما لا تُصَدِّقُهُ
مِنْ بَصْمَتِي ،رَفْرَفَتْ طْيْرًا رَأَى فَنَــنَا!
كَمْ بِتُّ في جِيدِهَا مُسْتَوْطِنًا أَمَلًا
فَلَيْتَـــها حَرَّرَتْ مِنْ لَوْعَتي وَطَــــنَا!
أَشْعَلْتُها ثَوْرَةً، أَجَّجْتُها حِمَمًا
حَتَّى إذَا وَقَعَتْ ،اِسْتَمْطَرَتْ مُزُنَـــا !
ظَلَّتْ تُراقِبُنِي مُذْ طَالَهَا شَغَفِي
وَ الغِيــدُ حِينَ الهَوَى يَعْشَقْنَ مُؤْتَمَنَـا!
باتَتْ تُسَرِّحُ شَعْرًا ثُمَّ تسْدِلِهُ
حَتَّى تُصـــاحِبَني كَيْ أَفْتَحَ المُدُنَـــا !
و عَطَّرَتْ شالَ عِشْقٍ مِنْ حدائِقِها
وَ وَشْوَشَتْ ،فَرَوَتْ لُبٍّــا رَوَى بَدَنــَــا!
وَ جَاءَنِي قَطْرُها غَيْثًا لِسُنْبُلَتِي
فَمَا انْتَشَى خَافِقِي سُكْرًا وَ لا اتَّزَنَـــا!
"خُذْ مِنْ يَدي وَرْدَةً " قالتْ تُقَشْقِشُني :
"أَمَّا الّلِقَـــا فاصْطَبِرْ، كَمْ زادَ تَعْتَعَـــنَا! "
"أَنا جَميلَةُ قَوْمٍ لا يُرافِقُني
عِنْدَ الخُرُوجِ سِوَى مَنْ عَسَّنِي وَ عَنَى!
أَوْصَى أَبِي مُذْ رَأَى طَيْفًا يُطارِدُني
أَلَّا أُبَــــــارِحَ مِصْراعًا و لا سَكَنَــــا! "
مَلْفوفَة في دَلالٍ ظِبْيَتِي وَ لَكَمْ
خـــافَ الهَوَى والِدٌ عَنْها وَ مَا ائْتَمَنَـــا!
وَ قَوْمُها إنْ رَأوْا خَيْلًا تُداعِبُني
ثَــــارُوا و قَــدْ طَلَبُـــوا إعْدامَنَا عَلَنَــــا!
يَا لَيْتَها أَدْرَكَتْ مِنْ خَيْبَتي حِقَبًا
أَنَّ البُكَـــا لَمْ يَعُــدْ يُجْـــدي و يَنْفَعُنَــــا!
كَذاكَ أُمَّتُنَا تَحْيَـــا عَلى وَجَعٍ
فَمَــــا نَصَرْنا فِلَسْطيــــنًا ولا عَدَنَـــا!
وَلا عَبَدْنا إلَـــهًا واحِدًا ،طَمَعًا
في مَكْسَبٍ مِنْ مُلُوكٍ تَكْتَسي دَرَنَــــا
وَ لا احْتَفَلْنَا بِعِيدٍ في جَزائِرِنا
وَ لا صَقَلْنا سُيُــــوفًا تُخْرِسُ الفِتَنَــــا!
وَ لا مَسَحْنَا على صُومَالِنَا عَبَرًا
وَ في دِمَشْقٍ سَكَتْنَـــا عَمَّنَ أسْكَتَنَــــا!
كَمْ لَامَنَا نِيلُنَا عَنْ مائِنَا عَطَشًا
يَسْقي العِــدَا بَيْنَـمَا في مِصْرِنا وَدَنَــــا!
يا صاحِبي هَلْ تَرَى خَيْماتِنَا فُرِشَتْ
وَرْدًا لِــمَنْ فَــــاحَ أَشْعـــارًا فَأَطْرَبَنَــــا؟!
خَلِيجُنَا بَعْثَرَ الأوْراقَ في صَخَبٍ
يُتَــوِّجُ التّافِهِيــــنَ ال وَقْوَقُوا غَبَنَـــــا!
عَاثَتْ مَناهِجُنَا ،كَمْ دَوَّخَتْ وَلَدًا
فَأَنْتَجَتْ طالِـــبًا في العِلْــــمِ دَبْدَبَنَــــا!
أَمَّا إذا لاعِبٌ مِنّا رَمَى هَدَفًا
أَصَــابَ مَرْمَــاهُ في خُسْرٍ وَ ما حَزنَــــا!
و الفَنُّ فِي بَيْتِنا عُرْيٌ يُراقِصُنَا
مِــنْ خَيْــبَةٍ زادَنَــا ما كــانَ يَنْقُصُنَــــا!
سُمُّ الخِيَاطِ بِـأَيْدِينَا بَدَا عَجَبا
و الخَيْطُ يَشْنُقُــنَا و العَزْمُ كَـمْ وَهَنَــــا!
لَوْ قُمْتَ تَسْقِي جَمالًا في مَنابِرِهِمْ
قَـــالُوا:كَفــانَا تَخــاريفًا سَيَفْضَحُنَــــــا!
صَدَّعْتُ رَأْسَكَ يا حِبِّي سَـتَعْذِرُنِي
هَــذي بِـــلادي ،أرادُوهــا لَــــنَا كَفَنَـــــا!
اَعْصِبْ بِرَأْسِي وَقُلْ إنْ شِئْتَ لا خَجلًا:
"جُــنَّ الحَبِيبُ فَمَـــا أَبْقَى و مَا خَزَنَــــا"!
هِيَ القَصيدَةُ شَيْطَانًا يُوَسْوِسُني
أَهْدَيْتُها " عَـــارِفًا" بالشِّعْرِ صاحِبَنَـــــا

شاعر البيضاء نورالدين العدوالي / عين البيضاء/ الجزائر