لست الذي للشاعر فريد مرازقة

أنا... لست الذي

لَسْتُ الَّذِي إنْ حَلَّ غَمٌّ أَفْجَعَهْ
أَوْ مَنْ بَكَى مِنْ سَهْمِ غَدْرٍ أَوْجَعَهْ

لَسْتُ الَّذِي بَاعَ القَضَايَا كُلَّهَا
وَ ضَيَاعُ مَالٍ فِي الدُّنَى قَدْ أَدْمَعَهْ

لَمْ أَنْسَ يَوْمًا أَنَّ فَرْعِي شَامِخٌ
قَيْسِيُ أَصْلٍ وَ القِوَى لَنْ تَمْنَعَهْ

حُبُّ الجَزَائِرِ وَ النَّقَاءُ سَرِيرَتِي
وَ البَرْبَرِيُّ أَخِي أَنَا، مَا أَرْوَعَهْ!

لَسْتُ الَّذِي بَاعَ العُرُوبَةَ لِلرَّدَى
أَوْ مَدَّ لِلْغَرْبِ المُعَادِي أَذْرُعَهْ

أَوْ عَاشَ يَرْقبُ فِي الخَفَاءِ مَفَازَةً
أَدْنَى المَرَاتِبِ قَدْ تُسَبِّبُ مَصْرَعَهْ

لَسْتُ اللَّئِيمَ وَ مَنْ يُقَلِّدُ غَيْرَهُ
لَسْتُ الخَسِيسَ وَ لَسْتُ عَبْدًا إمَّعَهْ

بَلْ إنَّنِي مَنْ إنْ تَفَجَّرَ شِعْرُهُ
فَالجِّنُّ حَلَّ مُكَبَّلًا كَيْ يَسْمَعَهْ

تَدْرِي الرِّجَالُ مَكَارِمِي وَ فَضَائِلِي
فَكَرِيمُ طَبْعٍ رَبُّنَا دَوْمًا مَعَهْ

حَتَّى وَ إنْ قَالُوا (سَيُمْسِي بَاكِيًا)
أَبْكِي نَعَمْ! فالقَلْبُ شِعْرِي طَوَّعَهْ

لَسْتُ الَّذِي يُخْفِي القِنَاعُ طِبَاعَهُ
فَالحُرُّ يُبْرِزُ للْجَمِيعِ طَبَائِعَهْ

مَنْ آثَرَ الوَصْلَ الجَمِيلَ وَصَلْتُهُ
وَ مَنِ اكْتَفَى بِالبُعْدِ وَصْلِي ضَيَّعَهْ

كُلُ الجِبَالِ إذَا بَدَا صَوْتِي شَدَتْ
يَأْتِي الصَّدَى بَعْدَ القَرِيضِ لِيُشْبِعَهْ

وَ كَأَنَّهُ يُلْقِي القَصيدَ عَلَى الهَوَا
ءِ كَشَاعِرٍ كَتَبَ الهَوَى مَا أَبْرَعَهْ!

يَبْكِي القَصِيدُ إذَا تَرَكْتُ دِيَارَهُ
وَ الشَّوْقُ يَكْسِرُ صَدْرَهُ بَلْ أَضْلُعَهْ

يَأْوِي إلَيَّ إذَا تَعَذَّرَ نَظْمُهُ
لِأُذِيقَهُ لَحْنًا يُشَنِّفُ مَسْمَعَهْ

إبْنُ (الكَرِيمِ) وَ سَلْ سَتَعْلَمُ أَصْلَهُ
عَاشَ الحيَاةَ بِخَيْرِ زَادٍ جَمَّعَهْ

وَ الزَّادُ عِنْدَ كَرِيمِ قَوْمٍ خَيْرُهُ
إذْ مَاتَ كُلُّ عَزِيزِ قَوْمٍ شَيَّعَهْ

مَا كَلَّ يَوْمًا أَوْ تَأوَّهَ ثَغْرُهُ
شَكَرَ الجَمِيعُ حَيَاءَهُ وَ تَوَاضُعَهْ

وَ بِإذْنِ رَبِّي سَوْفَ أَحْيَا مِثْلَهُ
حَتَّى أُثِيرَ مِنَ المَكَارِمِ زَوْبَعَهْ

قَلْبِي كَبِيرٌ لَا حُدُودَ تَحُدُّهُ
وَ الشِّعْرُ بِالدُّرَرِ الجَمِيلَةِ رَصَّعَهْ

لَا كُرْهَ فِيهِ وَ لَا يضُرُّ عَدُوَّهُ
لَكِنَّهُ إنْ قَالَ سُوءًا أَسْمَعَهْ

أَحْيَا كَنَسْرٍ وَ الغُيُومُ تُحِيطُ بِي
وَ النَّسْرُ غَيْمُ سَمَائِهِ لَنْ يَصْرَعَهْ

حُرًّا يَطِيرُ وَ إنْ أَحَسَّ بِعَجْزِهِ
عُنُقًا أَدَارَ عَلَى الثَّرَى كَيْ يَقْطَعَهْ

هَذَا أَنَا وَ أَنَا أَنَا يَا سَائِلِي
لَسْتُ الَّذِي لَعَقَ النِّعَالَ لِتَرْفَعَهْ

فريد مرازقة - 06 مارس 2019