ترنوبة للشاعر فريد مرازقة

ترنوبة...

(تَرْنُوبَةٌ) عَزَفَتْ لَنَا الأَلْحَانَا
وَ تُرِيدُ بَيْعَ، تَفَاهَةً، جُولَانَا

فِي عَيْنِهَا خَلْفَ الزُّجَاجِ نَذَالَةٌ
وَ الشَّعْرُ مِنْهَا يُبْدِلُ الأَلْوَنَا

تَهْوَى الأَكُفَّ وَ جِلْدُهَا مُتَجَعِّدُ
وَ الصَّفْعُ صَارَ لِخَدِّهَا عُنْوَانَا

وَ لِصَوْتِهَا لَحْنٌ يُزَعْزِعُ غَابَةً
وَ يُخِيفُ ضَبْعًا يُخْرِسُ الغِرْبَانَا

تَمْشِي بِفَخْرٍ لَا تُجِيبُ أَرَانِبًا
وَ تَهُزُّ خصْرًا نِصْفُهُ قَدْ بَانَا

لَكِنّهَا كَبرَتْ وَ شَاخَتْ لَيْتَهَا
سَتَرَتْ عُيُوبًا كَيْ نَرَى نِسْوانَا

تَبْدِي الجَمَالَ بِبِنْتِهَا وَ بِأُمِّهَا
بِالعُرْيِ تُبْدِي للدُّنَى أَبْدَانَا

تَرْنُوبَتِي! أَهوَى النِّسَا لَكِنَّنِي
أَهْوَى الجَمَالَ وَ أَمْقُتُ العُرْيَانَا

تَرْنُوبَتِي تَهْوَى اللِّبَاسَ كَمَا الّذِي
مَا إنْ تَعَرَقَ غَيَّرَ القُمْصَانَا

تَجْرِي لِتَغْسِلَ وَجْهَهَا بِمُطَهِّرٍ
بَعْدَ الخِطَابِ تُعَطِّرُ الجُثْمَانَا

تَسْتَعْمِلُ العِطْرَ الأَصِيلَ مَخَافَةً
مِنْ أَنْ تَصِيرَ عُطُورُهَا أَعْفَانَا

حَلَّاقُهَا المِسْكِينُ أَوْجَسَ خِيفَةً
إنْ هَزَّ شَعْرًا عَانَقَ القُضْبَانَا

(كَرَفَطَّةٌ) حَمْرَاءُ تَخْنُقُ جِسْمَهَا
مَا غَيَّرَتْ فِي رَبْطَةٍ أَلْوَانَا

تَدْرِي بِأَنَّ اللَّوْنَ رَمز مَجَازِرٍ
وَ كَأَنَّهَا حَيَّتْ بِهِ الشَّيْطَانَا

مَهْوُوسَةٌ (تَرْنُوبَتِي) بِجَوارِبٍ
وَ تُحِبُّ أَنْ تُوتِي الحِذَا لَمَعَانَا

يَدُهَا تُلَوِّحِ مِثْل ذَيْلِ كُلَيْبَةٍ
وَ لَقَدْ أَثَارَ نُبَاحُهَا قُطْعَانَا

تَرْنُوبَتِي تَهْوَى جَنَائِزَ أُمَّتِي
تَبْكِي إذَا بِالقُدْسِ عُرْسٌ آنَا

تَهْوَى الشَّتَاتَ وَ لَا تُطِيقُ تَوَحُّدًا
وَ تُحِبُّ رُؤْيَةَ قِرْدِهَا فَرْحَانَا

بِشِعَارِهَا تُبْدِي الحُقُوقَ كَأَنَّهَا
تَحْمِي بِبَأْسِ سِلَاحِهَا إنْسَانَا

قُلْ لِي مَتَى كَانَ السِّلاحُ مُسَالِمًا
يُعْطِي الحُقُوقَ لِمَنْ ضَعِيفًا كَانَا؟!

تَرْنُوبَتِي كُلُّ (الكُرُوشِ) تُحِبُّهَا
صَنَعَتْ لَهَا مِنْ عِشْقِهَا تِيجَانَا

وَ لِبِنْتِهَا رَقَصَتْ سُيُوفُ مَمَالِكٍ
وَ مُلُوكُهَا رَقَصُوا لَهَا عُمْيَانَا

إخْوَانُهُمْ لا خُبْزَ يَكْسِرُ جُوعَهُمْ
وَ هُمُ أَتَوْا تَرْنُوبَةً خِرْفَانَا

تَبًّا لَهَا وَ لَهُمْ وَ تَبًّا للَّذِي
مَنَحَ الغَرِيبَ صَبَابَةً لِيُهَانَا

تَرْنُوبَتِي خَوَّافَةٌ مِمَّنْ تَلَا
بَعْدَ الصَّلَاةِ بِدَمْعِهِ القُرْآنَا

قَدْ تَخْتَفِي رُعْبًا إذَا هِيَ قَدْ رَأَتْ
بِدِيَارِهَا مَنْ يَنْتَشِي إيمَانَا

تُبْدِي الشَّجَاعَةَ خَلْفَ جُنْدِ جُيُوشِهَا
لَكِنَّهَا مَا جَابَهَتْ شُجْعَانَا

وَ لَهَا النَّذَالَةُ وَ الخِيَانَةُ مَأْمَنٌ
كَمْ حَارَبَتْ كَيْ تَرْقُصَ الأَدْيَانَا

فريد مرازقة - السبت 30 مارس 2019