دموع على حافة الإغتراب( نبيل شريط)

... دُمٌوعٌ علَى حافّةِ الاغْتِرَابِ ...

ستَنْسَخُ الأقلامُ تيهاً ، ظِلَّ مِدادِكَ الباهِتْ....
وَ سَيَنْتَشِي رُكْنُ مَرْسَمِكَ البَائِسِ...غَرِيبَكَ الصّامِتْ......
لَا الرّيشَةُ السّمْرَاءُ تُراقِصُ حُمْرَتَها ....
ولَا اللّوْحةُ الصّمّاءُ تُسْمِعُ نبْرَتها ....
ولَا اللّمْسَةُ العرْجاءُ تُثْلِجُ نبْضَ قلْبِها السّاكِتْ ....
و لا ثُقوبَ جِدارِها أضاءتْ عتَمَةَ زوايا كوخِها ...شيءً مِنْ قبَسَ نُورِها الخَافِتْ ......

سَحَّ دمْعي و اسْتَلَّ عنْوَةً انسكَابَ النّازِفِ مِنْ شرايينِي...
لَا بَرَدُ الشّتاءِ اسْتهْوَتْهُ أكْمامُ مِعْطَفي البُنّيِ ....
فوَهنَ الصُّوف و لمْ يَعُدْ يَحْميني .....

حلّتْ في سمَاءِ مَخْدَعي غيْمةٌ تائِهَةٌ ....
بَرْقٌ وَمِيضُهُ جاءَ يُخْبِرُنِي .....
و رعْدٌ مُفْزِعٌ أَرْعَبَ الطّبْلَةَ في تجاويفِ أُذُنِي ......
فالرّيحُ تحْمِلُنِي معَ الأطيارْ ....
تدَغْدِغُ الأخْرَسَ مِنْ أجْراسِي ......
و ترسمُ على قبّعَةِ الملّاحِ بالأزرقْ....موْجٌ و بِحَارْ ...
و في قلْبِ الرّبّانِ أشْلَاءٌ مِنْ نارْ .....فَتُحْرَقْ ......
و قواربُ زَيْفٍ كيْ تُغْرَقْ .....
و أرْواحٌ بِالصّبْرِ حُبْلَى كيْ تُشْنَقْ .....
و شمْسٌ تغْرُبُ دَهْراً لنْ تُشْرِقْ .....

في ساعةِ الإبحارْ ......
تَاهَتْ أشْرِعَتِي ....
فيُحْجَبُ عنّي سِرُّ اللّيْلِ و الأقمارْ .....
فلَا الشّايُ الأصيلُ يُؤْنِسُ وِحْدَتِي .....
و لَا لَظَى جمْرٍ يُداعِبُ كَانُونَ غُرْفتِي .....
ولَا حتَّى عَدَّ النُّجومِ تبْغِيهِ مُخَيِّلَتِي....
تبًّا لها ما عادَ رقْمُها تهْوَاهُ مُلْهِمَتِي ....

نعيقٌ ماردٌ يُنادينِي.....
ينْقُشُ الصّخْرَ مِنْ جُرْحِي ....
و يَصْلُبُ الحرْفَ مِنْ بَوْحِي .....
غُرابٌ المنايا يكويني......
يُلمْلِمُ بُؤْبُؤَ المَهَا مِنْ عيْنِي .....
يَقُودُ شتَاتَ تلاحِيني.......
و تَحْتَ الثّرى يُقْبِرُنِي فأعيشُ مماتِي ...... ذاك ينْعِشُنِي و يُرْضينِي .....

تراهُ تسلّقَ جِذْعي.....
و أسْكَنَ خِنْجَرَ الغدْرِ في ضِلْعِي . ...
و دَسَّ السُّمَ في قَدْحِي .....
فلَا الخِصْبُ أنعَشَ سَاقي....
و لا الخُضْرةُ لمّعَت صحْنَ أوْراقِي .....
و لا العطّارُ أوْجَدَ تِرْيَاقِي .....

تَلُوكنِي عبَراتُ أشْواقِي......
و تغْرِزُ قُبْحاً مخَالِبُ غُرْبَتي .... أبْواقٌ تنْحَرُ غيَاهِبَ أعْماقِي ....
فلا الألْواحُ تُبْحِرُنِي ....
ولا منارةُ الأعداءِ تهْدي قواربِي و تُنِير مِشْكاتُها سَهْدَ ليْلِي الباقي .....
خُلِقْتُ لِتتجَمّلَ بِالقيْدِ أعْناقِي .....
و لِتَكتَوِي نَاراً أجْنادُ أشْواقِي.....
دُكّتْ حصُوني ...و اجْتُثّتْ قِلاعِي ....و بيعَتْ في أذْنَابِ النخَاسَةِ أسْواقي .....
فلَا الأبْيَضُ خالِدٌ ...
ولَا الأسْوَدُ صامِدٌ ....
و لَا المرْسَمُ باقِي.....
أنا اللّوْحَةُ صاحِبَةُ النّبْضِ الرّاقِي .....
لكمْ مِنّي عبيرَ أشْواقي .

شريط نبيل 21 أوكتوبر 2018 بسكرة الجزائر .