يا شام ( للشاعر أحمد كمال باشا)

" يا شام "

يا شامُ ما للهَمِّ لا يعدوكِ
حتّى كأنَّ البؤسَ منكِ وفيكِ

في كُلِّ ناحيةٍ جراحٌ أرهقتْ
هذا الفؤادَ فحارَ كيفَ يفيكِ

أو كيفَ يُسعِفُني وجرحكِ غائِرٌ
أينَ السَّبيلُ لَهُ لكيْ يفديكِ

أنتِ التي كنتِ الدواءَ لجرحِهِ
ولطالما أعداؤهُ هابوكِ

كنتِ الأمانَ لِكُلِّ حُرٍّ ثائِرٍ
رمزُ الشُّموخِ على العُداةِ بَنُوكِ

واليومَ ينقلبُ الزَّمانُ بأهلِهِ
شَرُّ البريَّةِ أرهبوا أهليكِ

وطغوْا بها وبغوْا على أصحابِها
ويدُ النَّذالَةِ أقسمتْ تُدميكِ

حممٌ مِنَ الموتِ الزُّؤامِ أخالُها
في كُلِّ يومٍ تشتهي ترديكِ

لا الطِّفلُ ينجو من براثنِ حقدها
لا الصَّخرُ لا الماءُ الذي يرويكِ

حتى الشُّيوخُ مع النِّساءِ تسابقوا
نحوَ المنايا بالدّما جاؤوكِ

والغوطةُ الحمراءُ خيرُ شهيدةٍ
عنْ عنفِ منْ للقهرِ قدْ ساموكِ

ولنا بِدَيرِ الزُّورِ ألفُ حكايةٍ
وروايةُ الشَّهباءِ لنْ تُنسيكِ

أنهارَ دَمٍّ في ربوعكِ أعدَمَتْ
معنى البراءةِ مِنْ وجوهِ بَنِيكِ

فالطِّفلُ يكبرُ فيكِ قبلَ أوانِهِ
ودماهُ يبذلُ للحِما حاميكِ

يدعو الإلهَ يخصُّهُ بكرامةٍ
وشهادةٍ للهِ دونَ شريكِ

***************

يا شامُ فيكِ دُنا البُغاةِ تجمهرَتْ
مِنْ كُلِّ حدبٍ تشتهي تؤذيكِ

وتكالبتْ وتلاعبتْ بمصائرٍ
كيْ تشتفي بالثَّأرِ مِنْ ماضيكِ

أهلُ الصَّليبِ مَعَ المَجُوسِ تحالفوا
كَيْ يثأروا لهزيمةِ اليرموكِ

مِنْ خالدٍ وأبي عبيدةَ عامرٍ
مِنْ صحبِ أحمدَ بالدِّما صانوكِ

طالتْ يدُ الغدرِ الخسيسةُ شامنا
بالقتلِ والتَّهجيرِ دونَ شُكُوكِ

مِنْ عالمٍ حُرٍّ أماتَ ضميرَهُ
تركُ الشَّريفِ إذا طغى يُطغِيكِ

وإذا أتى الخطأ الجسيمَ فَحَقُّهُ
والدَّارُ للأقوى بغيرِ شريكِ

أمَّا الضَّعيفُ فللأمانةِ خائنٌ
إنْ قامَ يُنكِرُ ظالماً يُشقيكِ

وعلامةُ الإرهابِ وسمٌ جاهِزٌ
وشفيعةٌ للقمعِ والتَّشْكيكِ

أمَّا إذا رُمتَ الوجاهةَ - صاحبي -
فعليكَ بالرُّوسِيِّ والأمريكي !

( البحر الكامل )

كتبه : #أحمد_كمال_باشا.
أحمد كمال باشا.
فلسطين - القدس الشريف.
الأحد 2018 / 2 / 25